سورة الأنفال - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)}
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير، وقتلت سعيد بن العاصي وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكتيعة، فأتيت به النبي فقال «اذهب فاطرحه في القبض. فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي، فما جاوزت إلا يسيراً حتى نزلت سورة الأنفال. فقال لي رسول الله: اذهب فخذ سيفك».
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه «عن سعد قال: قلت: يا رسول الله قد شفاني الله اليوم من المشركين فهل لي هذا السيف؟ قال: إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه. فوضعته ثم رجعت قلت: عسى يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلى بلائي، إذا رجل يدعوني من ورائي قلت: قد أنزل الله في شيء؟ قال: كنت سألتني هذا السيف وليس هو لي وإني قد وهب لي فهو لك»، وأنزل الله هذه الآية {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول}.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت في أربع آيات. بر الوالدين، والنفل، والثلث، وتحريم الخمر.
وأخرج الطيالسي والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت في أربع آيات من كتاب الله، كانت أمي حلفت أن لا تأكل ولا تشرب حتى أفارق محمداً صلى الله عليه وسلم: فأنزل الله: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً} [ لقمان: 15]، والثانية أني كنت أخذت سيفاً أعجبني فقلت: يا رسول الله هب لي هذا، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال}، والثالثة إني مرضت فأتاني رسول الله فقلت: يا رسول الله إني أريد أن أقسم مالي أفأوصي بالنصف؟ قال: «لا. فقلت: الثلث...؟ فسكت فكان الثلث بعده جائزاً، والرابعة اني شربت الخمر مع قوم من الأنصار فضرب رجل منهم أنفي بلحيي جمل، فأتيت النبي، فأنزل الله تحريم الخمر».
وأخرج عبد بن حميد والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعد قال: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة فإذا فيها سيف، فأخذته فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نفلني هذا السيف فأنا من علمت. فقال «رده من حيث أخذته فرجعت به حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لأمتني نفسي، فرجعت إليه فقلت: اعطنيه. فشدَّ لي صوته وقال: رده من حيث أخذته. فأنزل الله: {يسئلونك عن الأنفال}».
وأخرج ابن مردويه عن سعد قال: نفلني النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر سيفا، ونزل في النفل.
وأخرج الطيالسي وأبو نعيم في المعرفة من طريق مصعب بن سعد عن سعد قال: أصبت سيفاً يوم بدر، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله نفلنيه، فقال: «ضعه من حيث أخذته، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال} وهي قراءة عبد الله هكذا الأنفال».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي أمامة قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال؟ فقال: فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل فساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن براءة، يقول: عن سواء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي وابن مردويه عن عبادة بن الصامت قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدراً، فالتقى الناس فهزم الله العدوّ، فانطلقت طائفة في آثارهم منهزمون يقتلون، واكبت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدوّ منه غرة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب. وقال الذين خرجوا في طلب العدوّ: لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: لستم بأحق بها منا نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وخفنا أن يصيب العدوّ منه غرة واشتغلنا به، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدوّ ونفل الربع، وإذا أقبل راجعاً وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول: ليرد قويُّ المسلمين على ضعيفهم».
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فنصرها الله وفتح عليها، فكان من أتاه بشيء نفله من الخمس، فرجع رجال كانوا يستقدمون ويقتلون ويأسرون ويقتلون وتركوا الغنائم خلفهم فلم ينالوا من الغنائم شيئاً. فقالوا: يا رسول الله ما بال رجال منا يستقدمون ويأسرون، وتخلف رجال لم يصلوا بالقتال فنفلتهم من الغنيمة؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل {يسئلونك عن الأنفال} الآية. فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ردوا ما أخذتم واقتسموه بالعدل والسوية فإن الله يأمركم بذلك. قالوا: قد احتسبنا وأكلنا؟ قال: احتسبوا ذلك».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم بدر فنزلت {يسئلونك عن الأنفال}».
وأخرج ابن مردويه عن أبيه عن جده قال: لم ينفل النبي صلى الله عليه وسلم بعد إذ أنزلت عليه {يسئلونك عن الأنفال} إلا من الخمس، فإنه نفل يوم خيبر من الخمس.
وأخرج ابن مردويه عن حبيب بن مسلمة الفهري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل الثلث بعد الخمس.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم «من قتل قتيلاً فله كذا وكذا، ومن أسر أسيراً فله كذا وكذا. فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات، وأما الشبان فتسارعوا إلى القتل والغنائم، فقالت المشيخة للشبان: أشركونا معكم فإنا كنا لكم ردأً ولو كان منكم شيء لَلَجَأْتم إلينا، فاختصموا إلى النبي، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول} فقسم الغنائم بينهم بالسوية».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قتل قتيلاً فله كذا، ومن جاء بأسير فله كذا. فجاء أبو اليسر بن عمرو الأنصاري بأسيرين، فقال: يا رسول الله إنك قد وعدتنا. فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله إنك إن أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر ولا جبن عن العدو، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك أن يأتوك من ورائك، فتشاجروا فنزل القرآن {يسئلونك عن الأنفال} وكان أصحاب عبد الله يقرأونها {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فيما تشاجرتم به} فسلموا الغنيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} [ الأنفال: 41] إلى آخر الآية».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية، فمكث ضعفاء الناس في العسكر، فأصاب أهل السرية غنائم، فقسمها رسول الله بينهم كلهم، فقال أهل السرية: يقاسمنا هؤلاء الضعفاء وكانوا في العسكر لم يشخصوا معنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» وهل تنصرون إلا بضعفائكم؟ «فأنزل الله: {يسئلونك عن الأنفال}».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انصرف من بدر وقدم المدينة، أنزل الله عليه سورة الأنفال، فعاتبه في إحلال غنيمة بدر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمها بين أصحابه لما كان بهم من الحاجة إليها واختلافهم في النفل، يقول الله: {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين} فردها الله على رسوله فقسمها بينهم على السواء، فكان في ذلك تقوى الله وطاعته، وطاعة رسوله وصلاح ذات البين».
وأخرج ابن جرير عن مجاهد «إنهم سألوا النبي عن الخمس بعد الأربعة الأخماس؟ فنزلت {يسئلونك عن الأنفال}».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة {يسئلونك عن الأنفال} قال: كان هذا يوم بدر.
وأخرج النحاس في ناسخه عن سعيد بن جبير. ان سعداً ورجلاً من الأنصار خرجاً يتنفلان، فوجدا سيفاً ملقى فخرّا عليه جميعاً، فقال سعد: هو لي. وقال الأنصاري: هو لي. قال: لا أسلمه حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتياه فقصا عليه القصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس لك يا سعد ولا للأنصاري ولكنه لي، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله} يقول: سلما السيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نسخت هذه الآية فقال: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [ الأنفال: 41]».
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنحاس في ناسخه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد، فغنموا ابلاً كثيراً فصارت سهمانهم اثني عشر بعيراً ونفلوا بعيراً بعيراً.
وأخرج ابن عساكر من طريق مكحول عن الحجاج بن سهيل النصري وقيل إن له صحبة قال: لما كان يوم بدر قاتلت طائفة من المسلمين وثبتت طائفة عند رسول الله، فجاءت الطائفة التي قاتلت بالاسلاب وأشياء أصابوها، فقسمت الغنيمة بينهم ولم يقسم للطائفة التي لم تقاتل. فقالت الطائفة التي لم تقاتل: اقسموا لنا. فأبت وكان بينهم في ذلك كلام، فأنزل الله: {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} فكان صلاح ذات بينهم إن ردوا الذي كانوا أعطوا ما كانوا أخذوا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول} قال: الأنفال: المغانم، كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة ليس لأحد منها شيء، ما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به، فمن حبس منه إبرة أو سلكاً فهو غلول.
فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم منها شيئاً. فأنزل الله: {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال} لي جعلتها لرسولي ليس لكم منه شيء {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} إلى قوله: {إن كنتم مؤمنين} ثم أنزل الله: {واعلموا أنما غنمتم من شيء} [ الأنفال: 41] الآية. ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، والمهاجرين في سبيل الله، وجعل أربعة أخماس الناس فيه سواء. للفرس سهمان، ولصاحبه سهم، وللراجل سهم.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {يسئلونك عن الأنفال} قال: هي الغنائم، ثم نسخها {واعلموا أنما غنمتم من شيء} [ الأنفال: 41] الآية.
وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير والنحاس وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن القاسم بن محمد قال: سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن الأنفال؟ فقال: الفرس من النفل، والسلب من النفل، فأعاد المسئلة فقال ابن عباس: ذلك أيضاً، ثم قال الرجل: الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي؟ فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه، فقال ابن عباس: هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر. وفي لفظ: فقال: ما أحوجك إلى من يضربك كما فعل عمر بصبيغ العراقي، وكان عمر ضربه حتى سالت الدماء على عقبيه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال: الأنفال: المغانم، أمروا أن يصلحوا ذات بينهم فيها، فيرد القوي على الضعيف.
وأخرج عبد بن حميد والنحاس وابن المنذر وابن جرير وأبو الشيخ عن عطاء في قوله: {يسئلونك عن الأنفال} هو ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال، من عبد أو دابة أو متاع فذلك للنبي صلى الله عليه وسلم يصنع به ما شاء.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن محمد بن عمرو قال: أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن الأنفال؟ فقال: تسألوني عن الأنفال وإنه لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن المسيب «أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ينفل إلا من الخمس».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن المسيب قال: ما كانوا ينفلون إلا الخمس.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن المسيب قال: لا نفل في غنائم المسلمين إلا في خمس الخمس.
وأخرج عبد الرزاق عن أنس. أن أميراً من الأمراء أراد أن ينفله قبل أن يخمسه، فأبى أنس أن يقبله حتى يخمسه.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: هي في قراءة ابن مسعود {يسئلونك الأنفال}.
وأخرج ابن مردويه من طريق شقيق عن ابن مسعود أنه قرأ {يسئلونك عن الأنفال}.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي {يسئلونك عن الأنفال} قال: الفيء، ما أصيب من أموال المشركين مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله: {يسئلونك عن الأنفال} قال: ما أصابت السرايا.
وأخرج ابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن مجاهد وعكرمة قالا: كانت الأنفال لله والرسول حتى نسخها آية الخمس {واعلموا أنما غنمتم من شيء} [ الأنفال: 41] الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الأعمش قال: كان أصحاب عبد الله يقرؤنها {يسئلونك الأنفال}.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس في قوله: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} قال: هذا تحريج من الله على المؤمنين أن يتقوا الله، وأن يصلحوا ذات بينهم حيث اختلفوا في الأنفال.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وأصلحوا ذات بينكم} قال: لا تستبوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: كان صلاح ذات بينهم إن ردت الغنائم، فقسمت بين من ثبت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين من قاتل وغنم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله: {وأطيعوا الله ورسوله} قال: طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة.
وأخرج أبو يعلى وأبو الشيخ والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أنس قال: «بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي. قال الله: أعط أخاك مظلمته. قال: يا رب لم يبق من حسناتي شيء. قال: يا رب يحمل عني من أوزاري. وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، ثم قال: إن ذلك ليوم عظيم، يوم يحتاج الناس إلى أن يتحمل عنهم من أوزارهم. فقال الله للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يا رب أرى مدائن من فضة وقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا لأي صديق هذا لأي شهيد هذا؟! قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب من يملك ثمنه؟ قال: أنت. قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك. قال: يا رب قد عفوت عنه. قال: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأصلحوا ذاتْ بينكم، فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم «أخبرك أن الله تبارك وتعالى وتقدس يجمع الأوّلين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد، فمن يدري أي الطرفين؟ فقالت: الله ورسوله أعلم... ! ثم ينادي مناد من تحت العرش يا أهل التوحيد. فيشرئبون، ثم ينادي: يا أهل التوحيد. ثم ينادي الثالثة إن الله قد عفا عنكم، فيقوم الناس قد تعلق بعضهم ببعض في ظلامات الدنيا، ثم ينادي: يا أهل التوحيد يعفو بعضكم عن بعض وعلى الله الثواب».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا أهل التوحيد إن الله قد عفا عنكم، فليعف بعضكم عن بعض وعلي الثواب».


{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال: فرقت قلوبهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون على الله، ولا يصلون إذا غابوا، ولا يؤدون زكاة أموالهم، فاخبر الله أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف المؤمنين فقال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} فأدوا فرائضه.
وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير وأبو الشيخ من طريق شهر بن حوشب عن أبي الدرداء قال: إنما الوجل في القلب كاحتراق السعفة يا شهر أما تجد قشعريرة؟ قلت: بلى. قال: فادع عندها فإن الدعاء يستجاب عند ذلك.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عائشة قالت: ما الوجل في قلب المؤمن إلا كضرمة السعفة، فإذا وجد أحدكم فليدع عند ذلك.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ثابت البناني قال: قال فلان: إني لأعلم متى يستجاب لي. قالوا: ومن أين يعلم ذاك؟ قال: إذا اقشعر جلدي، ووجل قلبي، وفاضت عيناي، فذاك حين يستجاب لي.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان عن السدي في قوله: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال: هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية، فيقال له: اتق الله. فيجل قلبه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {زادتهم إيماناً} قال: تصديقاً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله: {زادتهم إيماناً} قال: زادتهم خشية.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {زادتهم إيماناً} قال: الإِيمان يزيد وينقص، وهو قول وعمل.
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عيينة قال: نطق القرآن بزيادة الإِيمان ونقصانه قوله: {زادتهم إيماناً} فهذه زيادة الأيمان، وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح إيمان أبي بكر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وعلى ربهم يتوكلون} يقول: لا يرجون غيره.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن سعيد بن جبير قال: التوكل على الله جماع الإِيمان.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: التوكل جماع الإِيمان.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال: التوكل على الله نصف الإِيمان.


{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}
أخرج أبو الشيخ عن حسان بن عطية قال: إن الايمان في كتاب الله صار إلى العمل فقال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون} ثم صيرهم إلى العمل فقال: {الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقاً}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} قال: برئوا من الكفر.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {أولئك هم المؤمنون حقاً} قال: خالصاً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} قال: استحقوا الايمان بحق فاحقه الله لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن الضريس عن أبي سنان قال: سئل عمرو بن مرة عن قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} قال: انما نزل القرآن بلسان العرب كقولك: فلان سيد حقاً وفي القوم سادة، وفلان شاعر حقاً وفي القوم شعراء.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق في قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} قال: كان قوم يسرون الكفر ويظهرون الإِيمان، وقوم يسرون الايمان ويظهرونه، فأراد الله أن يميز بين هؤلاء وهؤلاء فقال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} حتى انتهى إلى قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} الذين يسرون الايمان ويظهرونه لا هؤلاء الذين يسرون الكفر ويظهرون الايمان.
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن مرة في قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} قال: فضل بعضهم على بعض وكلٌ مؤمنون.
وأخرج الطبراني عن الحارث بن مالك الأنصاري. انه مر برسول الله فقال له «كيف أصبحت يا حارث؟ قال: أصبحت مؤمناً حقاً. قال: انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ فقال: عزفت نفسي عن الدنيا فاسهرت ليلي، واظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها. قال: يا حارث عرفت فالزم ثلاثاً».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {لهم درجات} يعني فضائل ورحمة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {لهم درجات عند ربهم} قال: أعمال رفيعة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {لهم درجات} قال: أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي هو فوق فضله على الذي هو أسفل منه، ولا يرى الذي هو أسفل أنه فضل عليه أحد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله ومغفرة قال: بترك الذنوب {ورزق كريم} قال الأعمال الصالحة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: إذا سمعت الله يقول {ورزق كريم} فهي الجنة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8